ذكرى الأوقات الجميلة في مدرسة الصدع أنبوه

جواد محمد ناجي النابهي:
أولا عيد ميلاد سعيد أستاذي العزيز عبدالرقيب مهيوب النابهي بذكرى ميلادك وأطال الله عمرك وبارك في رزقك وغمرك بالسعادة والهناء وبعد ذلك وبمناسبة احتفاله بعيد ميلاده والذي يصادف بداية إمتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول.
نحاول نتذكر أيام الزمن الجميل في مدرستنا الحبيبة مدرسة الصدع انبوه ، أيام الأب والقدوة لنا جميعًا خريجي المدرسة ، مديرها الذي ما زال ذكراه الطيب يُعطر مجالسنا في كل المحافل التي نصل إليها والأماكن التي نحل فيها ولنا الفخر أننا تتلمذنا على يديه الكريمتين ، أستاذنا الحبيب والوالد الغالي والذهب النفيس عبدالرقيب مهيوب النابهي ، وإلى جانبه شريك النجاح أستاذنا الحبيب الوالد عبد الحفيظ الكناني وكيل المدرسة آنذاك قبل أن يتم ترقيته نائبًا لمدير التربية والتعليم بالمديرية (حفظهما الله) ، الرجلان الذين كانا لهما الأثر المباشر فيما وصلنا إليه وما نسعى إليه في عملنا المهني والمجتمعي.
من منا لا يتذكر وقفاتهما في المدرسة وطابور الصباح بالذات ، وتلك الكلمات التي كانا يلقيانها علينا هاتان القامتان الذين ارجوا من الله العلي القدير أن يوفقني في خدمتهما ، فقبل أن يكونا معلماي فهما الأب الروحي والقدوة الحسنة لنا جميعًا ، فالأول الأستاذ عبدالرقيب مهيوب النابهي.
كان يقف أمامنا في طابور الصباح وبالأخص في الأسبوع الأخير من الدراسة وقبيل الإمتحانات ، كان يقف شامخًا أمامنا ناصحًا ومرشدًا للجميع وموجهًا قبل ذلك إلى كيفية التغلب على الخوف واجتياز الإمتحانات بتفوقٍ ونجاح ، وكان عقبَ تلك الكلمات يختتم بلقاء مغلق مع مدرسي المدرسة لتوجيههم في كيفية التعامل مع الطلاب والمقرر الدراسي واختيار الأسئلة إلى جانب تشكيل لجنة الإمتحانات والتي كان يطلق عليها (الكنترول) والتي بدورها تبدأ بإعداد كشوفات (مفاتيح اللجان) بعد تقسيم الطلبة وتوزيعهم على اللجان والتي كان يصل عددها قرابة سبع إلى ثمان لجان على ما أتذكر ، ويتم إلصاق كشوفات (مفاتيح) على باب كل لجنة يظم عددٍ من الطلاب والطالبات من صف رابع ابتدائي وحتى الصف الثاني الثانوي مستبعدًا منها مرحلتي الوزاري ثالث إعدادي وثالث ثانوي.
وكان كل طالب يحصل على رقم جلوس خاص به يدون على الورقة الملصقة بورقة الإجابة الخاصة بالإمتحان وهذا الرقم كان يقابله رقم سري يتم وضعه بعد استلام الكنترول بذات الورقة الملصقة بورقة الإجابة بعد أن يتم نزعها وكتابة ذلك الرقم السري أعلى ورقة الإجابة من أعضاء الكنترول ، حيث كان ينتزع رقم الجلوس من ورقة الإجابة ويحط بدلًا عنه الرقم السري قبل تسليمها للأستاذ الخاص بالمادة.
أيام لن تعود برهبتها وهيبتها التي كانت تمتاز بها عن بقية أيام العام الدراسي ، كان التنافس فيها يبلغ ذروته خاصة بين جميع الطلبة بما فيهم الأذكياء طلاب وطالبات ، وكان ما يميز تلك المرحلة موجهي التربية والتعليم بالمديرية الزائرين للمدرسة ومعهم فارس التعاونيات فقيد المعافر المرحوم بإذن الله تعالى شيخنا عبدالقاهر سعيد محسن النابهي، حيث كانوا يمرون على كل لجنة من اللجان الإمتحانية ، متفقدين للطلاب والطالبات ويستفسروا على الأسئلة وهل خرجت عن المقرر ؟
أما وكيل المدرسة أستاذنا الحبيب والقريب منا دائمًا الوالد عبدالحفيظ عبدالواحد الكناني حفظه الله، فقد كان يقرع بوابة المدرسة بعصاه التي لولاها لما تعلمنا من العلم شيء وما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم ، ولم يكتفي بذلك بل كان يتنقل بين الطرقات المؤدية للقرى المجاورة للمدرسة متسللًا بين الأشجار ومتخفيًا خلف الأحجار الكبيرة باحثًا عن الطلاب المتهربين عن طابور الصباح ، وما زلت أتذكره عندما فاجأ بعض الطلاب في الصفاء (الجبل) المطل على قريتي.
،حيث كان هؤلاء الطلاب يأتون متأخرين عن الطابور الصباحي فقرر الوكيل مراقبتهم إلى إمكان جلوسهم وهو ما حصل ، فأدبهم أحسن تأديب وروضهم أحسن ترويض، بل أن هيبة أستاذنا الفاضل عبدالحفيظ الكناني، وشخصيته التي كانت لا تفارقنا ليس فقط في المدرسة بل امتدت إلى البيت والوادي حتى في الأسواق وملاعب الكرة ، فقد كان صوته في إذاعة المدرسة يكفي لاصطفاف جميع طلاب وطالبات المدرسة في خط مستقيم واحد يتجسد ذلك عند إنتهاء الطابور والدخول إلى الفصول ، حيث كان هناك بعض الفصول الدراسية في مبنى المدرسة الآخر والبعيد نوعًا ما ، وأكيد أن كل من عاش تلك اللحظات أن يتذكرها ، خاصة نحن من الذين تتلمذنا على أيدهم.
وبنظرة فاحصة لخريجي المدرسة في تلك الحقبة من الزمن لوجدنا الكثير منهم في مشارق الأرض ومغاربها ، فإلى جانب العاملين في شتى المرافق الحكومية والخاصة في الوطن ، نجد هناك طلاب تخرجوا من أرقى الجامعات العالمية فمنهم في الصين وآخرين في الهند وماليزيا وبعضهم يعمل في أمريكا ومنهم يدرس في كندا والبعض حطوا رحالهم في هولندا إلى جانب سفراء المدرسة في نيوزيلندا وروسيا وأم الدنيا مصر الحبيبة ، هؤلاء هم ثمرة جهد هؤلاء الأبوين ومن معهم في سفينة مدرسة الصدع انبوه في تلك الحقبة من الزمن ، لهم منا -مدرسي المدرسة- كل الحب والتقدير وجزيل الشكر والإمتنان على ما بذلوه معنا من الجهد والوقت.